نجمتي المتوهجة

نجمتي المتوهجة

Translate

السبت، 13 فبراير 2016

رائحة كتاب


يركض حرف ويقفز حرف ، ليلتصقا ببعضهما ويصنعان كلمة ! لم أدرك كم كان الميم سريعا حينما
التصق بالعين وإذا بي أرى كلمة قصيرة مسطورة في الأحرف " مع " ركضت الكاف وتزحلقت برشاقة ، وتوهجت " معك " مع قرقرة شقية ، فضحكت
ها ها ها " في الحقيقة ليس بهذه الأناقة >_> "
تحركت عيني على نحو أفقي كأنها تقوم بجولة تفقدية مستعجلة ، ثم نطقت " هه و ..؟ من ! "
لم أكن لبقة أعترف ، معك معك ماهذا الإنجاز يا قطع الأبجدية ، كلمة مبهمة هه
سمعت قرقرة ، ثم برق وهج سريع مصفر ، بصرت كسرة تحت الكاف ، مططت شفتي ""أعرف سلفا لا حاجة للتوضيح " لكنني استعجلت بالرد ، أمر متوقع من عائشة الثرثارة ، فحينما كنت أتكلم باستعلاء المرء المنشغل مطبقة أجفاني ببرود كانت الأحرف قد تسارعت في همس ملتصقة ببعضعا كفرشاة سحرية تصبغ لوحة خط شرقي ، طفقت أرمش بعيني ، أطبق جفني وأرفعه، قربت رأسي من الكلمات أو بالأحرى من الجملة " معك دائما ، عبر عينيك ننتقل من الكتاب لنستقر في روحك " اتجهت يدي لا شعوريا نحو قلبي ، تنفست بهدوء ، أوه لماذا اتجهت يدي إلى قلبي لم أكشف بعد سر تواجد روحي الغامض ، ولكنني عدت بنظري نحو تلك الجملة " معك دائما عبر عينيك ننتقل من الكتاب لنستقر في روحك " لم تقل عقلي أو قلبي ، كم الأبجدية بليغة ، لاشك أن هناك سلطة عليا توزع الأحرف الوافدة إلى روحي ، قسم للعقل وآخر للقلب ، بعض المعتقدات القديمة التي تلاشت من عقلي وقلبي لابد وأنه قد تعرضت الأحرف المكونة لكلماتها للطرد من قبل السلطة العليا و ثم ،، تفسح المجال لأحرف جديدة مكونة لكلمات جديدة من آخر كتاب أو ربما آخر صفحة ، وأحيانا ، تنبعث كلمات أخرى كانت نائمة في أعماق الروح ، في بعد مختلف لا في القلب ولا في العقل ولكن السلطة العليا تجلبها في المكان المناسب طبعا ، عندما تستيقظ
لا أعرف لماذا أشعر برهبة من كلمة " تستيقظ " ، سأكررها وأجرب الشعورة مرة أخرى للتأكد ، " تستيقظ " ، آه الرهبة حتمية ، لا أعرف سبب بسيط أو من السهل شرحه أو إنني أتخيله ولا أعرف كيف أفصح عنه ، رأيت وهج ، ركضت نحوه ، قرأت " إلتهمينا والتهمينا وسنساعدك يوما ما على شرح ما تشعرين به بثقة أفضل " ابتسمت وأنا أقول ، نعم صحيح ولكن ربما في شرح أمور أخرى أعجز عنها الآن رغم أنها أقل تعقيدا ، ثم كررت ضاحكة التهمينا ؟ كيف هي الحياة حيث تأخذكم عيناي معها ؟ إخوانكم المأكولات تدخل من الفم وتهرسها الأسنان "أوه مسكينة " ثم تعصر عصرا لم يعصر مثله في مكان آخر " أتخيل الأحرف ترجف ملتصقة ببعضها من هول الوصف "
كنت جالسة كحمقاء أنتظر الرد ، خيل لي وهج أكثر مرة ولكنه كان مجرد شيء كنت أرجو رؤيته ،
حيث لا وهج حقيقي آخر ، لم يأتي رد ، ولم أعد أسمع قرقرة ، ولا كلمات جديدة ، شعرت بالضجر وشعرت أن أحدهم يستخف بي ، وأنا أجلس أنتظر الرد من كائنات سحرية موجودة ككائنات حية من
ناحية وغير موجودة ككائنات حية من ناحية أخرى
فجأة كل ما حولي صار أبيض وبه أحرف مزدحمة ، أكثر ازدحاما من طوابير الخبز والبنزين ، بعد فوضى طفيفة وتحركات كجيش من النمل صار كل شيء مصطفا وأنيقا وجميلا ، جلست ألمس الأرض فوجدتتي على كلمة ضخمة " السعادة " تحركت لليمين قليلا أكمل قراءة النص العملاق " الانتعاش والمحبة المتبادل ، أنا آخذك وأنت تأخذني ، آسرك وتأسرني ، أستضيفك في قصري وتستضيفني ، حينما ننسى العالم من حولنا ونسعد بنا ، تعال آخذك للمأدبة ، وأعدك أنك سترى أكثر ما سيسعدك ، ستشبع ستفرح ستضحك وتفتح أبواب قلبك وأنت فارد لذراعيك " شعرت بالشغف ثم ترددت ، لا أحس ولا أرى صيغة المؤنث في الكلام الموجه ، ولكن لحظة ، هذا كتاب ، كتاب يمكن يقع في متناول أي إنسان ، والأحرف البليغة ، تدرك أن استخدام صيغة المذكر تكون عندما يكون الكلام موجها للذكر أو الجنسين معا ، طرت فرحا وأنا أتذكر ذلك ، لست من النوع المتذمر الكئيب ذاك "
أوه حتى اللغة تظلم المرأة لماذا عند جمع الجنسين معا نستعمل صيغة التذكير لماذا ليست صيغة التأنيث أوه أين المساواة ، هذا مخالف لقوانين الأمم المتحدة " ها ها ها " ليس بهذه الأناقة طبعا >_> "
أتعامل مع اللغة بليونة ، تم إلحاق تاء التأنيث للتفريق بين الذكر والأنثى حتى يسهل الفهم بالتخاطب ، وطبعا لأن سيدنا آدم خلق قبل سيدتنا حواء ،،، أرأيتم ؟ بسيطة  ،،، خذو الحكمة من أفواه الثرثارين ، لأن الثرثرة تجعلك تدخل لشأن وتتداخل في شأن آخر وتتولد الأفكار وتقع في حيرة ثم تبقى تفكر وتحل المشكلة ثم تحصل على الجواب ثم تركض شرقا وغربا تبوح بالفكرة المنبثقة خصوصا وهي مادة ثرثرة ذات إنتاج بمجهود ذاتي " حتى لو لم  تعتقدوا ذلك >_< " أقرأ أفكاركم ، إحم ، وأيضا بسبب الثرثرة قد تجد نفسك خرجت عن أساس حكايتك وتبحث عن طريق للعودة وأنت تتمتم آ آ أين كنت ، نعم كنت قد حسمت أمري وقبلت عرض الكتاب العملاق وبالفعل ها أنا أنطلق عبر رواق كله أحرف جميلة ، أرى قاف ، و أيضا فاء ، هااااااااا ، إنها قف ؟ عدت بسرعة لأنني تجاوزتها فقد كنت أركض ،،،
و دخلت !!
لفحتني رائحة خلابة ، رائحة أعشقها ، كنت دائما أحبها ، ولكن ؟ هناك شيء ما بخصوصها نسيته !
دلفت للداخل وجدت كتبا كثيرة ، وجدت كتبا من كل العصور ، والأزمان ، وأشعار بكل اللغات ، وفي الأعلى كان هناك ثلاثة كتب كالألماس
تقدمت خطوة للإمام ورفعت رأسي أكثر ، اتسعت عيناي ، كانت كتب ، التوراة ، والإنجيل ، والقرآن ، كتب الله المقدسة
ازدادت الرائحة العطرة قوة ، منبعثة من الزجاج الكريستالي الذي يحوي الكتب المقدسة الثلاثة ، تمكنت من فتح قفل زجاج القرآن ولكن لم يكن المفتاح الذي يخص التوراة والإنجيل موجودا ، تنفست بعمق ، سمعت صوت خلاب يقول
لا تحزني ، صحيح ضاعت مني مفاتيح زجاج التوراة والإنجيل ، ولكن أحرفهما موجودة في القرآن ، وممتزجة في كلماته ، يا عائشة " شعرت بالرهبة لنطقه لاسمي بتلك البساطة " هذه الكتب الثلاثة روح واحدة ، وأحرفها من عالم آخر ، تنتمي لعالم آخر ذات العالم الذي تنتمي إليه روحك " تسارعت نبضات قلبي وأنا ألتفت مشدوهة رغم أنني لا أرى من يخاطبني ولكنني فقط حاولت باتجاهي نحو مصدر الصوت ، أحدق في تلك الناحية ، قال مجددا " والأحرف الموجودة في الكتب الأخرى الممتلئة في جميع مكتبات العالم ، تملك صلة قوية ورابطة عميقة بهذه الأحرف المقدسة وبذلك الانتماء الآخر ، إنها منسوخة لتعمل في هذا العالم ، رغم أنها تنتمي له ولكنها مثلك تماما تشعر بأن وطنها الحقيقي في بعد آخر ،، لأن جسدك يسعى لانتماء روحك والتي تسعين لفهم ماهيتها ، الأحرف كذلك تسعى لإنتماء تلك الأحرف للمقدسة الثلاث لأنها متفرعة عنها ،، أنت والأحرف يا عائشة ،،" قاطعته وأنا أصيح بجذل والسعادة تغمرني وطفقت أكرر تلك الكلمات في عقلي وقلبي بروحي حيث اندمجت جوارحي على نحو استثنائي " أنا آخذك وأنت تأخذني ، آسرك وتأسرني ،،،ننسى العالم من حولنا ونسعد بنا ،،،، وتفتح أبواب قلبك "
أجل إنها جزء مني ، يمكنها أن تنسيني العالم ، ويمكنني أن أعشقها وهي بذلك تعشقني ، تذكرت تلك الرائحة ، كانت رائحة الكتاب الذي عندما أفتحه وأقلب صفحاته للقراءة يستهويني عبقه ، فأقربه من وجهي وأستنشقه بقوة وقوة وأنتعش وأنتعش ، وتتفتح أبواب قلبي وأمضي معه الساعات ، وتنتقل الكلمات عبر عيني إلى روحي لتعيش معي ، لا تعصر وتتحول إلى كائنات مختلفة كما يحصل للطعام بل تظل كما هي تعيش معي تساعدني ، أنميها أعتني بها أوجهها كجزء مني ، فنحن لنا نفس المصير ونتشارك الواقع ، لذا خطوة خطوة للوصول ، أنا أؤمن بهذه العلاقة الحميمية التي تربطني بالأحرف والكلمات وأؤمن بأنها تشعر بذلك عندما أمرر بناني عليها بلطف أو أرمش عيناي بمحبة كأنني أحضنها برقة وهي في طريقها لروحي ، أو عندما تقترب يدي مستقرة على قلبي بهدوء وعطف ، كأنني أقول لها ، نعم يا حبيبتي استقري هنا ♡