هل من وجود للخير المحض ؟ مثالية انا احب ، انا اسامح ، انا لن اعاقب احدا ، عندما تتحول الأنا الى نحن ..
للوهلة الاولى يبدو الكلام جميلا ومعانيه اجمل ، فمن اين قد تتسلل
الشرور الى التسامح والمحبة ؟
ولكن ، في خضم الحياة ، يخترق ذاك السؤال المدوي شرايين قلوبنا ، منذ
متى ؟ منذ متى ؟ منذ متى كان الخير يعني الأذية !
فالخير لا يقبل كونه خيرا محضا ، الخير وترا ومزدوجا في الوقت ذاته ،
الخير فلسفة عميقة ، مثل مرادفه المسمى بالشر ، لم تسقط سهوا ، الشر مرادف للخير ،
فكم من شر اعقب الخير خلفه ، كم من شر اراح الارواح ، وكم من خير دمرها وشتتها ،
أليس التقاعس في مجابهة العدو بالشر يؤدي الى صيرورة الاحباء ضحايا ؟ الوقوف
مكتوفي الأيدي والتشدق بالخير في تلك المواقف يكون شرا ساخرا ، لذلك تبقى تلك
التساؤلات تتراقص حول أدمغتنا تهمس ببحتها الدائمة ، ماهو الخير وما هو الشر ، هل
هي الافعال ؟ ام ردود الافعال ؟ المواقف ؟
بكون الخير والشر محور صفات العالم ، هذا يدفعنا الى الاصرار في
تحديدهما ، لماذا ؟ للصراخ عاليا باسم العدالة عندما يتطلب الأمر ، والقواعد هنا
تكون المشكلة ، او يمكننا القول القوانين الثابتة ، كون الشر منتجا للخير ، والخير
منتجا للشر ، حقيقة مزدوجة ، ينتجه حقا ، ولا ينتجه أبدا ، وقد ينتجه بعد حين ،
الذي لا ينتجه أبدا مرفوض من قبل أغلب الاسوياء ، اقول اغلب متفادية استعمال لهجة
التعميم المطلق ، أما الصنف الأخير الذي قد ينتجه بعد حين فهذا أمر آخر ، الكثير
من البشر يعولون على هذا النوع من الشرور ، بالنسبة لي ، فأنا أرفضه تماما ، مع
وضع الفاصل الزمني موضع اعتبار ، انا أرفض تماما قبول الشرور ذات العوائد
الايجابية (البعيدة المدى ) بل أراها توغلا في الشر والخديعة ، لو اعتبرنا الخديعة
جزءا من الشر ، او شرا وخديعة ،، الصنف الأول يواجه ويناظر كذبة الخير والشر المحض
، أو ربما التصور الخاطيء بلهجة أقل اتهاما ، أعتقد أخيرا ان المشكلة والحل معا ،
تنبع من الجبلة البشرية ، الغريزة ، وهذا يبدو منطقيا ، فما الخير والشر في
الحقيقة الا وصف لا يخرج عن افعال البشر ، وقد تدخل في أحاسيسهم ، بل كل ما ينبع
منهم ، كل ما يمكن للذات البشريه من انتاجه وإظهاره بأي شكل كان ، لذلك فإن أنفس
البشر هي التي تتلاعب بالتداخل والحدود الممزوجة بين الخير والشر ، حينما تتبادل
الأدوار بينهما ، عندما يصف البشر الخير شرا والشر خيرا معتمدين على القواعد
الثابتة التي اعتبرتها مشكلة في حد ذاتها آنفا ، وحتى في ذاك الوقت ، عندما يتحجج
بني البشر بتلك القواعد او المسميات ، لا يخفي عنهم ، ولا يخفي عن غريزتهم ، حقيقة
أفعالهم ونواياهم مهما تعددت مسمياتها ، لذلك لو حافظ بنو البشر على الأحكام
العادلة وتوغل الانصاف في صدورهم ، فإن المحض ، سيظل محض محض ، متكونا من مزيج
الخير والشر ، لينتج ذلك المزيج ، روحا ومادة عادلة ، تتوج باسم الخير ، لا لمجرد
طبيعتها ، بل وفقا لتأثيرها في هذا الكون .
حلووووووووة
ردحذف